تكلم عن المال "موضوع" جريمة خيانة الأمانة؟ |
المال موضوع جريمة خيانة الأمانة:
يتمثل موضوع جريمة خيانة الأمانة فى مال منقول لغير الجانى، وأن يكون هذا المال قد سبق أن سلم للجانى على سبيل الحيازة الناقصة بمقتضى عقد من عقود الأمانة التى نص عليها القانون. وعلى ذلك،
فإن هذا الركن المفترض فى جريمة خيانة الأمانة يقوم على ثلاثة عناصر هى :
- موضوع الجريمة (المال المنقول المملوك للغير).
- تسليم المال للجانى.
- سند التسليم (أن يكون تسليم المال بناء على عقد من عقود الأمانة).
ونتناول هذه العناصر الثلاثة بإيجاز على النحو الآتى :
كون موضوع الجريمة مالاً منقولاً مملوكاً للغير:
عبر المشرع فى المادة (3411) من قانون العقوبات عن موضوع جريمة خيانة الأمانة بأنه: مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك» وما ذكره المشرع هنا للمال هو مجرد أمثلة. وعلى ذلك يشترط فى الموضوع الذى تنصب عليه جريمة خيانة الأمانة أن يكون مالاً منقولاً. والمال هو الشىء الذى يمكن أن يكون محلاً لحق من الحقوق المالية، بأن يكون قابلاً للتمليك وله قيمة، سواء كانت قيمته كبيرة أو ضئيلة، ويستوى أيضاً أن تكون قيمته مادية أو معنوية.
ويجب أن يكون هذا المال منقولاً. ومؤدى ذلك، أن جريمة خيانة الأمانة لا تقع على عقار، فمثلاً إذا تسلم شخص عقاراً مملوكاً لغيره بموجب عقد من عقود الأمانة كالإجارة مثلاً، فقام المستأجر بالتصرف فى العقار المؤجر لع بالبيع، فلا تقوم بفعله هذا جريمة خيانة أمانة، وإن أمكن أن يسأل عن جريمة نصب إن توافرت أركانها.
ومن ناحية ثالثة، يشترط لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون المال المنقول موضوع السلوك الإجرامى الذى استولى عليه الجانى مملوكاً للغير. لأن هذه الجريمة كالسرقة والنصب من جرائم الاعتداء على الملكية، فلا يتصور وقوعها إلا على مال مملوك لغير الجانى. وعلى ذلك، لا تقع جريمة خيانة الأمانة، إذا كان موضوعها مملوكاً للمتهم أو كان غير مملوك لأحد.
(2) التسليم السابق للمال على سبيل الحيازة الناقصة:
من المقرر أن جريمة خيانة الأمانة تتطلب أن يكون المال الذى تنصب عليه قد سبق تسليمه إلى الجانى من المجنى عليه. ويستوى أن يكون المجنى عليه قد سلم المال بنفسه أو عن طريق وكيله للجانى. كما يستوى أن يكون التسليم قد تم للمتهم نفسه أو لشخص يمثله.
ويشترط فى هذا التسليم، من ناحية أن يكون صادراً عن إرادة صحيحة اتجهت إلى نقل حيازة المال (الناقصة) إلى الجانى. فإن كانت الإرادة معيبة، بأن حصل التسليم نتيجة تدليس. فلا تقوم بالاستيلاء على المال جريمة خيانة الأمانة، وإن أمكن أن يسأل الجانى عن جريمة نصب إذا توافرت أركانها.
ومن ناحية أخرى يشترط فى التسليم أن يكون ناقلاً للحيازة الناقصة. فالمتهم يحوز المال لحساب صاحب الحق عليه، ويعتبر نفسه نائباً عنه. فلا تقوم جريمة خيانة الأمانة، إذا حصل تسليم المال للمتهم على سبيل اليد العارضة وإذا حصل الاستيلاء على المال المنقول المملوك للغير الذى سلم على سبيل اليد العارضة، فيسأل المتهم عن جريمة سرقة وليس خيانة أمانة، كما قدمنا. كذلك لا تتحقق جريمة خيانة الأمانة إذا كان التسليم قد تم بقصد نقل الحيازة الكاملة للمال إلى المتهم. كما فى حالة التسليم بناء على عقد بيع أو هبه.
أن يكون التسليم قد تم بناء على عقد من عقود الأمانة :-
يتطلب القانون لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون المال قد سلم إلى الجانى بناء على أحد عقود الأمانة التى نصت عليها المادة 341 من قانون العقوبات. وعقود الأمانة التى حددها المشرع فى هذه المادة هى: الوديعة، والإجارة، وعارية الاستعمال، والرهن والوكالة، والاستعمال. وقد عبر المشرع عن ذلك بقوله «... وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له (للجانى) إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره».
وعقود الأمانة المذكورة قد أوردها المشرع على سبيل الحصر. وبالتالى لا يجوز القياس على تلك العقود. وعلى ذلك، لا تقوم جريمة خيانة الأمانة، إذا كان تسليم المال للمتهم قد حصل بناء على عقد آخر خلاف ما ذكر فى هذه المادة. كعقد قرض أو مقايضة.
وبالتالى يجب على قاضى الموضوع إذا رأى الحكم بالإدانة عن خيانة أمانة أن يبين العقد سند التسليم. والعبرة بحقيقة العقد. أى أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالتكييف الذى يسبغه المتعاقدان على العقد، وإنما هى ملزمة بأن تعطى العقد تكييفه القانونى السليم على ضوء قصد المتعاقدين، وتكييف العقد فى هذه الحالة هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
وقضى فى هذا المعنى بأن جريمة خيانة الأمانة لا تقوم إلا إذا كان تسليم المال قد تم بناء على عقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر فى المادة 341 من قانون العقوبات، وكانت العبرة فى تحديد ماهية العقد هى بحقيقة الواقع. وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه: لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقد، فإذا كانت المحكمة قد انتهت إلى أن العقد القائم بين المتهمة (الطاعنة) والمجنى عليها عقد وديعة باستخلاص سائغ، فإن قضاءها بإدانة الطاعنة عن جريمة التبديد يكون صحيحاً فى القانون، ولا يجدى الطاعنة قولها أن العقد فى حقيقته عقد شركة لا يلحق بعقود الأمانة التى أوردتها المادة 341 عقوبات.
على أن يلاحظ أن بطلان العقد الذى يربط بين المتهم والمجنى عليه، والذى تم بناء عليه تسليم المال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق